تتعامل المنظمات أيا كان نوعها مع عدد من المؤثرات
الداخلية والخارجية التي قد تؤثر على سمعة المنظمة سلباً أو ايجاباً، إلا أن
المنظمات الربحية بالذات تتأثرأكثر نظراً لارتباط تلك التأثيرات بربحية المنظمة.
فالمنظمات
الربحية لديها منافسين يبحثون عن أخطائها وزلاتها وهي تتعامل مع جهات رقابية تتابع
عملياتها بدقة ولكن يظل عملاء المنظمة هم الأكثر تأثيراً. ونظراً لأن الشركات
والمنظمات الربحية تتعامل مع هذه المؤثرات فتظل احتمالية حدوث أزمة لها شيئاً
وارداً جداً. والأزمة تعرف على أنها حدث سلبي لا يمكن تجنبه مما يهدد مصالح المنظمة وصورتها أمام العملاء مما يتطلب
استجابة سريعة من المنظمة لتصويب الأوضاع حتى تعود إلى مسارها الطبيعي.
ولكي تتعرف على بعض ملامح التأثير القوي
للأزمة يكفي أن تعرف أنه 53% من الشركات تحتاج سنة على الأقل لتعود قيمة أسهمها
كما كانت قبل الأزمة والبعض لايعود، حسب دراسة لشركة Freshfields Bruckhaus Deringer المتخصصة في القانون الدولي أجرتها عن إدارة الأزمات.
وحسب نفس الدراسة فإن ثلث الأزمات تصل أخبارها إلى وسائل الاعلام عالمياً خلال
ساعة واحدة وثلثي الأزمات تصل أخبارها خلال 24 ساعة وتصل إلى 11 دولة عالمياً.
وكان
الاعلام التقليدي سابقاً مؤثراً بقوة على علاقة المنظمات مع بيئتها الخارجية وكانت الشركات والمنظمات تستخدمه للتعامل مع
أزماتها الطارئة، إلا أن ازدياد شعبية الشبكات الاجتماعية جعلها منافساً له إن لم
يكن أكثر أهمية وجعل لزاماً على المنظمات أن ستتخدمها كوسيلة فعالة من وسائل إدارة
الأزمة. ويتزامن هذا المقال مع أزمة تشهدها إحدى شركات الاتصالات في السعودية، وسأتطرق
في هذا المقال لبعض النقاط المهمة والخاصة بكيفية تعامل الشركات عموماً مع الأزمات
– مع ذكر بعض الأمثلة – وكيف يمكن أن تحول الشركات الأزمة لأثرٍ ايجابيٍ لدى
الجمهور والعامة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي:
·
التجاهل لا يحل الأزمة: تخطأ المنظمة حين تظن أن تجاهل الأزمة سيجعلها تمر
بسلام، دون أن تعي أن ذلك سيزيد الأمور سوءاً لأن من خصائص الأزمة أن أحداثها
تتصاعد بشكل سريع وعادة تكون خارجة عن سيطرة المنظمة. يقول هنري كسنجر وزير
الخارجية الأمريكي الأسبق " أن تجاهل المشكلة يحولها لأزمة"، وهذا
يعطينا انطباعاً أن المنظمة التي تستطيع أن تشعر بالأزمة قبل حدوثها ستكون قدرتها على التعامل معها أنجع. وماحدث مع
الشركة السعودية هي أن بوادر الأزمة كانت واضحة ولكنها تجاهلتها تماماً دون أن
تبادر لاحتوائها والسيطرة عليها، خصوصاً أن بوادر الأزمة بدأت من شبكات التواصل
الاجتماعي مما يؤكد غياب أي قراءة لهذه الشبكات من قبل الشركة أو وكيلها الاعلامي.
ومن أمثلة التجاهل التي تقوم بها بعض المنظمات عدم الرد على استفسارات العملاء عن
الأزمة القائمة.
مثال على عدم تجاهل الشركات لانتقادات صغيرة
خوفاً من تحولها لأزمة، ماقامت به شركة JC Penney حين شبه أحد مستخدمي تويتر تصميمها لأحد الأجهزة بأنه
تمجيد لـ هتلر، ردت الشركة بشكل مباشر وأفادت أنهم لم يقصدوا ذلك وأنهم أرادوا أن
يكون التصميم مقارباً لـ رجل الثلج، وردوا على أغلب من تواصل معهم بهذا الخصوص.
·
كن صادقاً وواضحاً ومتعاطفاً واعترف بالخطأ: وهذه المشكلة التي ألاحظها في تعامل الشركات السعودية
بالذات مع الأزمات، دائماً نسمع عبارات تحميل الخطأ لأطراف أخرى أو عدم الاعتراف
بالخطأ أو الكذب على العملاء أو تحميل اللوم على العملاء، وهي كلها أساليب تقليدية
لم تعد تجدي نفعاً بل تزيد الأمور سوءاً.
في عام 2009 – في بدايات انتشار وقوة شبكات
التواصل الاجتماعي- نشر اثنان من موظفي دومينوز للبيتزا في امريكا مقطعاً لهما
وهما يعبثان في بعض محتويات البيتزا وانتشر هذا المقطع انتشاراً كبيراً وحاولت
الشركة تجاهل الأزمة إلا أن الأزمة امتدت وأثرت على سمعة الشركة كثيراً جداً مما
اضطر الشركة لاصدار بيان وفيديو على اليوتيوب تعتذر فيه عما حدث وأوضحت بصراحة عن
أسبابه وعن كيفية معالجتها للموضوع ولتوضح مدى تقديرها لعملاؤها جعلت رئيس مجلس
الادارة شخصياً هو من يظهر بالمقطع ويقدم اعتذاره وتأسفه للعملاء، ويقال أن تصرف
دومينوز هذا هو سبب تخفيف حدة الأزمة عليها. لكن هنا يجب أن تحذر المنظمة من قول
كل الحقائق بل يجب أن تنقل بتأنٍ وانتقاء لأن هناك أسرار خاصة بالمنظمات لا يجب
لأحد الاطلاع عليها.
ما أشاهده الآن وأتابعه هو أن هناك تجاهل
للمشكلة من قبل الشركة وحتى عدم التطرق لها بل واستخدام وسائل تزيد من حنق العملاء
بدلاً من الحديث بصدق وتعاطف مع العملاء.
·
تابع ما يقوله العملاء عنك: يجب على المنظمات تغيير طريقة تفكيرها التقليدية في
الاستماع المباشر لما يقوله عملاؤها خصوصاً خلال الأزمات، متابعة وتحليل ما يقوله
الناس عن المنظمة واسمها ومنتجاتها هي الوسيلة الأفضل. هناك طرق تقليدية مثل
متابعة الوسوم أو الهاشتاقات في تويتر أو استخدام برمجيات متخصصة في تحليل المحتوى.
كما أن متابعة مايقوله العملاء عنك يحدد أين تسير هذه الأزمة وهل الحلول التي قمت
بها أفادت في حل الأزمة أو التخفيف منها أم لا.
·
العملاء خط الدفاع الأول: نعود لقصة دومينوز ونفيدكم أن الشركة لم تكن تملك
حساباً على تويتر في ذلك الوقت ولكنها علمت بالخبر عن طريق عملاؤها الدائمين وعن
طريق وكيلها الاعلامي. وبالتالي فكون المنظمة تملك عملاء دائمين ومخلصين لها فإن
هذا الشيء يحيلهم كخط دفاعي أول للمنظمة لكن على المنظمة أن تحذر من فقدان ثقتهم
فيها. وبالنسبة للشركة السعودية فهي تعاني من هذه النقطة حيث حاولت الاستعانة
بحسابات ذات نسبة متابعة عالية لكنها لم تنجح لافتقادها لعملاء حقيقين متحمسين
للدفاع عنه. وهذا يقودنا لنقطة أعمق وهي كيف تصل لهذه العلاقة مع عملائك؟؟ وكمثال عن كيف يقوي التعامل الصادق علاقتك مع
عملائك لنلقِ نظرة على محادثة شركة طيران ساوث ويست مع متابعيها على صفحة الفيس بوك.
فعندما أعلنت الشركة عن الحادث على صفحتها رد أحد العملاء عن أنه يحب الشركة لأنهم
ينقلون الأخبار بصدق دون ضغط من الاعلام ورد العميل الآخر أنهم تعاملوا مع الحادث
بطريقة ممتازة.
|
|
·
الموظفون خط التماس الأول فاجعله الأقوى: يتجاهل بعض القيادات العليا للشركات موظفيهم خلال الأزمات
خصوصاً الأزمات التي لايكون الموظف علاقة مباشرة بها، لكن هذا التصرف الداري خطأ
فعندما تقوي ولاء موظفيك وتجعلهم مصدر المعلومة الصحيحة للعملاء ولبقية أعضاء
المجتمع فسيتولون إما نقل الاشاعات عن الشركة أو تأكيد نظرة العملاء السلبية عن
الشركة. وهناك بعض الشركات لديها برامج لجعل موظفيها
سفراء خلال الأزمات التي تحدث لها. وفي حالة الشركة السعودية فقد شاهدت بعض
المقاطع التي يظهر فيها الموظفون وهم يتحدثون بشكل سلبي عن الشركة مما يؤكد أن
الشركة لم تفعل خطط ادارة الأزمات الداخلية كما ينبغي. كما أن ردود المسؤولين عن
وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تكون مرنة وقادرة على استيعاب غضب العملاء خلال
الأزمة مع تجنب الردود العدوانية التي تزيد النار ناراً. ولكي تدرك أهمية تدريب
المسؤولين عن وسائل التواصل الاجتماعي، نذكر قصة مجموعة "نستله" حيث قام
مسؤول صفحة الفيس بوك بالتواصل بلغة قاسية مع أحد العملاء مما أثار ضجةً كبيرة حول
الشركة.
ختاماً يجب أن تضع أي منظمة خطة فعالة لإدارة الأزمات وأن تعي أن أزمة
واحدة قد تجعل المنظمة في مهب الريح، خصوصاً اذا اعترفت بقوة وسائل وشبكات التواصل
الاجتماعي واستخدمتها كوسيلة فعالة لتجاوز الأزمة لكن على المنظمات أن تحذر من وسائل
التواصل الاجتماعي فقد تجذب هي الأخرى أزماتها الخاصة.
مصادر المقالة:
كتبه: فواز بن دليم الحربي



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق